من كتاب (تقارير السيدة راء) - لـ رضوي عاشور
المشهد لـ منة شلبي من مسلسل (حارة اليهود) - الحلقة 7
*****************************
المشروع الأول: القصة الميلودرامية:
أدهشتها صورتها في المرأة. کانت تحمّمت واعتنت بزینتها وتصفيف شعرها وارتدت أجمل ثيابها، ولكن ذلك كله لم يفسر لها التغيير المفاجئ من فتاة لطيفة الملامح إلى الحسناء التي تطالعها في المرآة. غادرت المنزل الی محل الزهور، انتقت ورودًا قرمزیهٔ لها سيقان طويلة، لفها لها البائع في السلوفان بعد أن أضاف لها غصونا دقيقة، أوراقها أشبه بأوراق السرو وإن تميزت عنها بزهور بيضاء منمنمة. كان البائع على وشك أنيربط الباقة بشريط أبيض ولكنها سارعت بإعلامه أنها تريد شريطًا وردى اللون. ناولته النقود وسارات إلى المحطة، باقة الورد في يدها وعلى شفتيها أغنية. في المحطة تطلعت إلى الساعة الكبيرة المثبتة في الجدار، وإلى الساعة الصغيرة حول معصمها. كان الوقت متطابقًا. بإمكانها أن تجلس في المقهى لقضاء الخمس والعشرين دقيقة الباقية على وصول القطار. طلبت قدحا من القهوة. نسيت أن تحتسيه. قامت إلى الرصيف.
يقترب القطار من محطة الوصول، يرج جسدها رجًا بضجیجه ودقات قلبها، تختار موقعًا یمکنها من متابعة کل القادمين. يمرون بها، كلهم يمرون. لم يأت، استعلمت عن مواعد وصول القطار التالي.
يقترب القطار من محطة الوصول، يرج جسدها رجًا بضجیجه ودقات قلبها، تختار موقعًا یمکنها من متابعة کل القادمين. يمرون بها، كلهم يمرون. لم يأت، استعلمت عن مواعد وصول القطار التالي.
وصلت سبعة قطارات.
أنتصف الليل،
قال ناظر المحطة إن القطار التالي يصل صباحا. وکانوالحسن الحظ لا يغلقون مقهى للمحطة في الليل.
**********************************
المشروع الثاني: القصة على طريقة الأفلام الصامتة:
ارتدت ملابسها بسرعة خاطفة ثم غادرت المنزل ركضًا. في المصعد تطلع إليها جارها باستغراب فأنتبهت إلى أنها تمسك فردتي الحذاء في يدها. لبست الحذاء وغادرت المصعد ركضًا إلى بائع الزهور، اصطدمت برجل ثم بامرأة ثم بشجرة فاعتذرت للشجرة. اشترت زهرة وطارت بها إلى المحطة، وصل القطار. دست رأسها في نوافذه، صعدت إلى كل العريات. تفرست في الوجوه. جثت علی رکابتیها و بحثت تحت الکراسی، أعتلت المقاعد وجاست بيديها بين الأمتعة المصفوفة على الأرفف المثبتة على الجانبين. قفزت من القطار وقد أوشك على القيام. أنتظرت القطار التالي، حاذى الرصيف. اندفعت إليه. تعثرت بالأمتعة. اصطدمت بالركاب. سألت. وصفت، استخدمت يدیها في تعزیز الکلمات بالاشارة. هزوا رؤسهم. هرولت إلی مكتبة قريبة من المحطة. اشترت ورقًا مقوى وقلمًا. كتبت بخط أسود سميك اسمه وأوصافه وانتحت جانبا من الرصيف رافعة اللافتة. لا أحد يتوقف. ركضت إلى خارج المحطة. اشترت جرسًا. عادت إلى الرصيف، وقفت تدق الجرس تحاول لفت انتباه المارة إلى اللافتة. توالت القطارات. تصل. ترحل - تشرق الشمس - تغيب الشمس. تصفر الريح. يهطل المطر. يذهب الشتاء. يأتي الصيف. يشتد القيظ. يقرصها الجوع. تأكل الزهرة، لم تنتبه إلى أن ما كتبته على اللافتة اختلط حبره بماء المطر فلم يعد مقروءًا ولا مفهومًا، وأن شعرها الذي بلله المطر وجففته الشمس ثم بلله المطر من جديد صار أشعث، وأن ثوبها أصبح بالیًا کابي اللون ومتهدلاً علی جسمها الضامر، وأن المارة یضعون بجوارها بعض القروش ثم يسرعون الخطو مبتعدین".
**********************************
صديقتي على حق القصة ميلودرامية. تناولت حبة مهدئة ودخلت إلى فراشي. حاولت مرة أخرى تأمل مشروع القصة فقطع تأملي الاستغراق في النوم.
**********************************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق