مجموعة من التجارب العاطفية قدمتها السينما المصرية، منح رجالها، الذين تنوعت أوساطهم الاجتماعية وتعددت خلفياتهم الثقافية والفترات الزمنية اللاتي عاشوها، مساحةً لنسائهم، لتكن كل منهن ((هي)) للحظات فيلمية قليلة على شاشة السينما !!
********************
لن أبكي أبدًا .. 1957
(تقدري) عام 1957 ..
قبل انطلاق حملة (تقدري) التي بدأت عام 2015 بـ"غيري كاوتش العربية" و"إزاي تدهني حيطة" لتشجيع النساء على القيام ببعض الأعمال أو النشاطات الحياتية التي ظلت قاصرة على الرجال، يأتي فيلم "لن أبكي أبدًا" عام 1957 لحسن الإمام حيث يظهر في أحد المشاهد عماد حمدي وهو يعطي فاتن حمامة درسًا عمليًا في كيفية تغير إطار السيارة !!
في مشهد يبدو كوميديًا في ذلك الوقت الذي كان من المستحيل فيه أن تجعل امرأة تنورتها القصيرة تتسخ وهي تحاول إصلاح سيارتها التي انفجرت إطاراتها أو يُكتفي بكادر لحذاء سعاد حسني الأنيق وهي تركل إطار سيارتها المعطلة على جانب الطريق في فيلم "غروب وشروق"، تظهر فاتن حمامة على شاشة السينما وقد شمرت عن ساعديها في محاولة منها لرفع السيارة عن الأرض لتُغير إطارها !!
يبدأ الأمر حين تحاول هدى (فاتن حمامة) التقرب من أحمد (عماد حمدي) بعد أن صدمته بسيارتها، فتعرض عليه أن يعطيها دروسًا في القيادة فربما تسنح الفرصة للسهوكه فيقع في غرامها، إلا أن الدرس يبدأ بنظرة متفحصة داخل كبوت السيارة حتي تتعلم كيف تُصلحها إذا تعطلت وينتهي وهي ترفع السيارة بالكوريك !! ..
- "وهو ضروري أتعلم ده كمان أنا عاوزة أسوق بقي" ؟!
- "دا مهم جدًا عشان لو ضربت منك العجلة في حته مقطوعة تقدري تتصرفي" !!
************************
الباب المفتوح .. 1963
"واللمعة في عينيكي والإشراقة في وجهك" ..
في واحدة من الحالات الفيلمية النادرة على شاشة السينما يأتي فيلم "الباب المفتوح" ليقدم نموذج مُختلف للعلاقات العاطفية من خلال شخصية ليلى (فاتن حمامة) الفتاة التي تحلم بالحب والتحرر من القيود الإجتماعية وحسين ويلعب دوره "صالح سليم" في واحد من أفضل الأدوار الرجالية على شاشة السينما، الذي ظل يدفعها دائمًا في طريقها للبحث عن ذاتها والتخلص من الهواجس التي تؤرقها رغم افتراق طريقهما بل واقدامها علي الزواج من غيره !! ..
فحتى عندما يختفي حضور حسين من حياة ليلى تظل خطاباته، التي تأتي إليها مع نقاط التحول في حياتها لتشكل لها طوق النجاة الذي ينتشلها من أفكارها واضطرابها، فيتردد صوت حسين وكأنه صوت ضميرها أو ذاتها التي تحاول البحث عنها وأحيانا أخرى الهرب منها، ليطمئنها ويمنحها القوة ويخبرها أنها جميلة، وأحيانًا أخري يعاتبها، ليس لأنها خانته بل لأنها خانت قلبها وخانت ما تؤمن به وتسعي إليه .. ((حريتها)) !!
************************
مراتي مدير عام .. 1966
"هنكافح سوا في البيت والشغل" ..
كوميديا اجتماعية قدمها عبد الحميد جودة السحار ترصد صعود المرأة وتوليها المناصب القيادية في مجال العمل في ظل ثورة 1952، فهي لم تعد "الأستاذة فاطمة" أو "الأفوكاتو مديحة" التي يحطم مجتمع الباشاوات طموحها فيجعلها تعود إلى بيتها حتي لا تفقد أنوثتها إذا عملت مثل الرجال، ولكنها الآن في مجتمع جديد، مجتمع الثورة، الذي يجعلها تحقق طموحها فتصل إلى أعلي منصب تصل إليه امرأة في ذلك الوقت وهو مديرة مصلحة حكومية وليست مديرة مدرسة للفتايات كما جرت العادة !! ..
يحتفل حسين (صلاح ذو الفقار) وزوجته عصمت (شادية) ليلة التعين وهو فرح لفرح زوجته بالتقدم الجديد الذي أحرزته في حياتها المهنية، فهو لم يكن يومًا صاحب أفكار بالية كغيرة من الرجال، فقد كانت عصمت زوجته زميلته في الكلية أيضًا وهو لم ينظر لها نظرة الند أبدًا !! ..
وكما يقال "أنا آمن طالما المصيبة بعيدة عن بيتي" .. فيتبدل كل شئ في ليلة وضحاها عندما يكتشف أن زوجته صارت مديرة في المصلحة التي يعمل بها وصارت رئيسته في العمل، فيطلب من زوجته أن يخفي أمر زواجهما عن الموظفين فهو لا يعترض على منصب زوجته ولكنه يخشي من نظرة الآخرين له !! ..
- "أنتَ .. حسين .. تقول كده" !! ..
وهنا تبدأ مأساة "أيبك" و"شجرة الدر" .. فتتعقد الأمور بين حسين وعصمت بعد أن يكتشف زملائه في المصلحة أن زوجته هي المدير العام ويحاول كل منهم أن يطلب واسطة منه بصفته زوج المديرة، وتتصاعد المشاكل والمواقف الكوميدية أيضًا طوال فترة تنفيذ المصلحة لأحد المشاريع !! ..
يكتشف حسين ترك عصمت للمصلحة ونقلها لمصلحة أخرى، حتى لا تسبب له الحرج وتفسح له مجالاً، إلا أنه يلحق بها ليعمل معها في مقر عملها الجديد وقد كتب في مذكرة وظيفته أنها زوجته!!
يترك حسين سباق الخيل لمن يهوى السباق ويجلس إلى جوار زوجته في المدرجات مستمتعًا معها فقط بحياتهما سويًا غير متقيد بالتقاليد، فالتقاليد هي ما يصنعاه سويًا، وما هي العلاقات العاطفية إذا لم تغيرهما سويًا مع التجارب التي تضعهما أمامها إلى الأفضل .. لتمنحهما ((حياة جديدة)) !!
**********************
أهل القمة .. 1981
"كده تقفي على رجلك وتبقي حرة نفسك" ..
(أهل القمة) .. أحد الأفلام السينمائية التى جاءت كوثيقة لتسجل واقع المجتمع المصري وتأثير الانفتاح الاقتصادي على حال أهله، وذلك من خلال شخصية "الحرامي" زعتر النوري (نور الشريف) الذي يساعده "الضابط" ويلعب دوره عزت العلايلي على التوبة ويجعله يعمل مع أحد رجال المال زغلول رأفت (عمر الحريري)، إلا أنه يشتغل في التهريب ويرتقى إلى قمة المجتمع هو أصدقائه من الحرامية والنشالين نتيجة للقوانين الجديدة التي سهلت لهم ذلك !! ..
يتجدد الصراع بين "الضابط" و"الحرامي" بعد أن يكتشف أن الأخير واقع في حب ابنة أخته سهام (سعاد حسني)، فيعمل على تزويجها من زغلول رأفت رجل الأعمال الشريف من وجة نظرة، لتجد سهام نفسها محاصرة بين لصّين وعليها الاختيار بينهما !! ..
تذهب سهام إلى زعتر هربًا من خالها وزوجته والفقر الذي يلاحقها هي وأمها وتطلب منه أن يتزوجها، إلا أنه يرفض طلبها لأنها لا تحبه !! ..
يناقش زعتر فلسفته مع سهام وكيف أنه أصلح المجتمع بأن جعل من مجموعة من اللصوص أعيان وأنه لا يَفرق عن "أمرا وباشاوات زمان" فقد كانوا هم أيضًا لصوصًا وتابوا بعد أن غناهم الله، وتمضي هي تفكر فيما يقوله وهي تأكل الترمس !! ..
ربما كان زعتر أو محمد زغلول كما صار يدعو نفسه رجلاً طيبًا ولكنه يمتلك فلسفته الخاصه، فهو لم يرضى أن ينتهز الفرصة ويتزوج سهام وهو يحبها وقد عرضت عليه نفسها ولكنه بدلاً من ذلك منحها عملاً لتكن حرة، فتستطيع أن تتخذ قرارها بعيدًا عن الفقر وقلة الحيلة، فربما تأتي إليه بإرادتها الكاملة في النهاية، فقد منحها ما لم يمنحها أحد .. ((حرية الإختيار))!!
************************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق